هشام الجديوي يكتب : الوضع الامني بمدينة تيفلت بين الحقيقة و التهويل ….
أثير خلال الأيام القليلة الماضية، جدل كبير وعميق حول الوضع الأمني بمدينة تيفلت، ما بين راض عن المجهودات المبذولة من طرف ذات الجهاز بالمدينة من جهة، والمتوجس خيفة من جهة أخرى، خاصة بعد ظهور حالات شاذة لجرائم نوعية تمت معالجتها في وقت قياسي من طرف رجال الأمن بالمفوضية.
لكن بين هذا وذاك يجب علينا أولا أن نقوم بجرد موضوعي لعمل الجهاز الأمني بالمدينة والذي شهدت جميع هياكله تغييرا جذريا، وهي الإجراءات التي مكنت من ضخ دماء جديدة ساهمت إلى حد كبير في إرساء دعائم دينامية فعالة أثمرت نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع.
سيقول قائل!!! و ماذا بشأن ما عشناه خلال الأيام الماضية من تفشي بعض الجرائم كالقتل العمد و السرقات بالعنف و و و…
قبل الإجابة عن مثل هكذا أسئلة لابد من وضع الأمور في سياقها الشمولي، ففضلا عن كون جميع القضايا تمت معالجتها كما سبق الإشارة في وقت قياسي ووجيز، إما عن طريق توقيف مرتكبيها أو تحديد هوياتهم الكاملة، و التي تعد في المجال الأمني “نصف حل للقضية”، علما أن بعض القضايا رغم تصنيفها الهرمي على رأس الجرائم، فهي لا تعدو أن تكون جرائم عرضية نتيجة خلافات عائلية أو عاطفية أو بسبب سوء الجوار مثلا … كما حدث في جريمة القتل العمد الأخيرة التي راحت ضحيتها شابة في مقتبل العمر، و التي أرجعها البعض إلى انعدام الأمن. رغم ان ذلك لا يعدو أن يكون حادث ناتج عن أمور شخصية بعيدة كل البعد عن إرهاصات وتكهنات العديد من الفئات والتي لا تستند على قراءة موضوعية لتطورات الأحداث، فلا يمكن لرجال الشرطة أن يتنبؤوا مثلا بأن شخصا ما مجرما أو منحرفا سينهي حياة خليته فهذه تدخل في إطار الجرائم التي تكتسي طابع الاستثناء بالمجتمع كما أن الفاعل في مثل هاته الأفعال الاجرامية يندرج في خانة المجرمين بالصدفة.
وبالمقابل ما يحسب لعناصر الأمن بتيفلت وخاصة مصلحة الشرطة القضائية هو التعامل باحترافية مع جريمة القتل المذكورة، وبالتالي فك لغزها في وقت وجيز مما أفضى إلى توقيف المشتبه في ارتكابه لذات الافعال، وهذا الأمر خلف ارتياحا كبيرا لدى ساكنة المنطقة كما ساهم في تعزيز الثقة بين المواطن والجهاز الأمني المحلي.
جدر بالذكر أن المصالح الأمنية حرصت خلال الآونة الأخيرة على الرفع من منسوب التفاعل مع النقاشات المجتمعية الدائرة بهذا الخصوص، وذلك من خلال معالجة شكايات المواطنين سواء من حيث حالات السرقة بمختلف أنواعها، وهنا تجدر الإشارة إلى اعتماد مفوضية الشرطة بمدينة تيفلت على استراتيجية أمنية فعالة أفضت إلى إلقاء القبض على مقترفي العديد من الجرائم وتحديد هوياتهم كما سبق الإشارة حيث تم تقديمهم للعدالة لاتخاذ المتعين بشأن الأفعال المنسوبة إليهم.
من هنا يمكن القول إن الجهاز الأمني بالمدينة اعتمد في مقاربته المهنية على نهج يقوم على احترافية و الحز، إذ أن اللغط الذي صاحب الدور الوقائي للجهاز الأمني على مستوى المنطقة، لا يمكن مناقشته دون الأخذ بالمعطيات الموازية لذلك و التي منها ما هو جغرافي أو ديمغرافي و المرتبطان أساسا بالكثافة السكانية الكبيرة للمدينة و كذا تمددها العمراني الكبير و هو ما يقابله ضعف الحصيص المتوفر بمفوضية الشرطة بتيفلت، لا على مستوى الدوائر الأمنية أو فيما يخص مصلحة الشرطة القضائية التي تعد القلب النابض لعمل المنظومة الأمنية.
وفي هذا الصد فقد لامس العديد من المتتبعين للعمل الأمني بالمدينة بذل مجهودات كبيرة من طرف على مستوى كافة المصالح و التي توافق ما بين العمل الميداني و الإداري إذ يبقى طموح الرقي بمفوضية الشرطة بتيفلت إلى منطقة أمنية إقليمية أملا يراود فئات واسعة، مع ضرورة العمل على توفير حصيص كافي و معقول من الموظفين، إضافة إلى الحاجة الملحة للساكنة والتي تقتضي ضرورة إحداث دائرتين أمنيتين على أقل تقدير، عطفا على مساحة المدينة و كذا البؤر السوداء بها، وهي المطالب التي تقتضي تفاعل معها المصالح المركزية للمديرية العامة للأمن الوطني بشكل إيجابي انسجاما مع التوجهات الجديدة و التي تستلزم تحول مدينة تيفلت إداريا إلى عمالة.