الفريقان الحركيان بالبرلمان ينظمان لقاء دراسيا حول مدونة الأسرة
شكلت تجربة مدونة الأسرة وآفاق تجويدها، بعد مرور حوالي 20 سنة على إقرارها محور لقاء دراسي احتضنه مجلس النواب يوم الاثنين.
وأكد المشاركون في هذا اللقاء الدراسي، الذي نظمه الفريقان الحركيان بالبرلمان بتنسيق مع منظمة النساء الحركيات، حول موضوع “مدونة الأسرة في مواجهة التحديات الاجتماعية والقيود الثقافية” أن الواقع الراهن يستدعي إدخال تعديلات على مدونة الأسرة بما ينسجم مع روح ومقتضيات الوثيقة الدستورية ويراعي مبدأ التوازن بين الثوابت الدينية ومتطلبات الحداثة، ويضمن مسايرة التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع المغربي.
وفي كلمة خلال هذا اللقاء، أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، أن نص مدونة الأسرة، الذي اعتبر حين صدوره ثورة هادئة في مجال حماية حقوق الإنسان وإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين، وجد في تطبيقه عدة تحديات، أبرزها ضعف المواكبة الإعلامية والتحسيسية لتنزيل هذه المدونة والتأويل المغلوط لبعض مقتضياتها.
واعتبر السيد أوزين أن القوانين مهما كانت متقدمة تظل غير كافية لبلوغ هدف إنصاف المرأة وتحقيق المساواة، داعيا إلى فتح نقاش عميق يتجاوز ما هو تشريعي وقانوني إلى مراعاة الأبعاد الثقافية والاقتصادية والإعلامية ومحاربة الصور النمطية التي تروجها وسائل التواصل الاجتماعي عن المرأة.
وفي هذا الصدد، سجل أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن المرأة هي الأكثر عرضة للهشاشة وتداعيات الأزمات الصحية والبيئية وتبعات موجة الغلاء، مؤكدا على ضرورة صون كرامة النساء ودعمهن وتمكينهن اقتصاديا من خلال المشاريع المدرة للدخل في إطار اقتصاد تضامني واجتماعي.
من جانبها، أكدت رئيسة منظمة النساء الحركيات، نزهة بوشارب، أهمية تقييم تجربة مدونة الأسرة بعد مرور قرابة 20 سنة على صدورها، بناء على ما شاب تطبيقها من ثغرات ناجمة عن تأويل بعض نصوصها ومقتضياتها، مبرزة الحاجة إلى تحيينها حتى تتلاءم مع روح دستور 2011 والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة وتتجاوب مع التطلعات التي تضمنها النموذج التنموي الجديد.
وبعدما أشارت إلى أن المطالبة بإصلاح مدونة الأسرة في ظل المؤسسات ممارسة تندرج في إطار تطوير المجتمعات، أكدت السيدة بوشارب أن النقاش حول تجويد مدونة الأسرة يسمو فوق كل التوجهات والمرجعيات والإديولوجيات إلى هدف أسمى يتجلى في تقوية التماسك الأسري والمجتمعي، داعية إلى تجاوز الاصطفاف الضيق وطرح الإشكاليات بشموليتها وملامسة كل الطابوهات بحكمة ومسؤولية.
من جهته، قال رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، إن تجربة قرابة العقدين من تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة أفرزت العديد من الجوانب الإيجابية وجوانب أخرى تحتاج إلى التعديل والتصويب وفق ما يمليه الدين الإسلامي ومصلحة الأسرة والنساء والأطفال.
ودعا السيد السنتيسي إلى التحلي بالجرأة في النقاش العمومي حول موضوع إصلاح مدونة الأسرة، مؤكدا في هذا السياق أهمية دور القوى الحية السياسية والمجتمع المدني في الخروج بتوافقات تعبر عن تطلعات مختلف الأصوات المجتمعية وتضمن المصلحة الفضلى للأسرة بكل مكوناتها.
وفي كلمة مماثلة، شدد رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين، مبارك السباعي، على ضرورة بلورة سياسات عمومية تضع المرأة عموما والمرأة القروية بشكل خاص في صلب التنمية، داعيا الحكومة إلى استحضار مقاربة النوع في برامجها واستراتيجياتها.
كما أكد أهمية الانتصار لقيم الوسطية والاعتدال التي تميز الدين الإسلامي الحنيف، مشددا على رفض كافة أشكال الغلو والتطرف والتأويل الخاطئ للدين في مقاربة القضايا المتعلقة بالمرأة والأسرة، وكذا الفهم المغلوط للحداثة التي لا تنسجم مع ثوابت الهوية الوطنية.
وينكب المشاركون في هذا اللقاء على دراسة عدد من المواضيع ذات الصلة منها “منع تزويج الطفلات” و”المساواة والعدل في الأسرة المغربية”، و”مدونة الأسرة الاستثناء الذي لا يلغي القاعدة” و”فعلية المساواة من أجل تنمية مستدامة”.