محمد الغلوسي يكتب : دلالات إجراء تدقيق و إفتحاص لمالية الأحزاب السياسية

إستنادا الى مقتضيات المادتين 44 و 45 من القانون رقم 11-29 الخاص بالأحزاب السياسية يتولى المجلس الأعلى للحسابات بناء على الفصل 147 من الدستور إجراء تدقيق وإفتحاص لمالية الأحزاب السياسية وخاصة في الجانب المتعلق بالدعم العمومي الممنوح لهذه الأخيرة
وأصدر المجلس المذكور تقاريره بخصوص تدقيق مداخل ونفقات الأحزاب السياسية والهيئات الأخرى باسم اقتراع 8 شتنبر 2021 والذي تضمن العديد من الملاحظات
وهكذا يمكن أن نتوقف من خلال التقرير على مايلي :
1- بلغ مجموع الدعم المخصص للأحزاب ومختلف الهيئات مامجموعه35,6 مليار سنتيم حاز منها حزب التجمع الوطني للأحرار الربع اي ما يناهز 9,2 مليار سنتيم ،وهو مايطرح ضرورة اعادة النظر في المعايير المعتمدة لتوزيع هذا الدعم خاصة وان معيار عدد مقاعد الحزب ومجموع الأصوات المحصل عليها كأساس لمنح هذه الدعم ليس معيارا موضوعيا ومنصفا ،ذلك ان هناك أحزاب يخفت دورها بشكل ملحوظ بمجرد مرور الإنتخابات في حين هناك احزاب اخرى تقوم بأدوارها طيلة السنة ورغم ذلك فإنها تحصل على دعم متواضع جدا
2- ستة أحزاب سياسية فقط هي التي فتحت حسابا بنكيا خاص بموارد ونفقات اقتراع 8 شتنبر وهو مايشكل مخالفة واضحة للمادة 43 من قانون الأحزاب السياسية اعلاه
3- وجود أحزاب وهيئات لم تقم بإرجاع المبالغ التي لم تصرف في الإنتخابات الى خزينة الدولة
4- منح بعض الأحزاب مبالغ مالية لبعض المرشحين الذين لم يترشحوا باسمها بل ان البعض لم يترشح أصلا وصرف تلك المبالغ خارج ما أعدت له في تعارض مع المادة 43 من ذات القانون ،ولجأت بعض الأحزاب الى تكوين لوائح انتخابية موازية في الإنتخابات الخاصة بالجماعات الترابية بهدف التحكم في تشكيلة هذه المجالس والمساومة بها لحظة تشكيل مكاتبها وهو شكل من أشكال الفساد السياسي
5- تقديم بعض الأحزاب والهيئات لمستندات ناقصة لتبرير اوجه صرف الدعم العمومي رغم انذارها من طرف المجلس الأعلى للحسابات لتقديم الوثائق المبررة لهذا الصرف داخل اجل شهر من توصلها بالإعذار وفق منطوق الفصل 43 من قانون الأحزاب السياسية تحت طائلة حرمانه من الإستفادة من الدعم العمومي دون الإخلال بإنخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القانون
وفي تقديرنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام فإنه لابد من تحريك تلك المتابعات في حق المتورطين في هدر وتبديد واختلاس المال العام ونعتبر الوقائع التالية تقع تحت طائلة المساءلة الجنائية ويستوجب من النيابة العامة تحريك المتابعة القضائية ضد مسؤولي بعض الأحزاب والهيئات والمرشحين أنفسهم من أجل تبديد وإختلاس المال العام طبقا لمقتضيات الفصل 241 من القانون الجنائي
ويمكن إجمال تلك الوقائع التي تكتسي صبغة جنائية ويتعين على رئيس النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية بشأنها هي :
1- عدم إرجاع المبالغ التي لم يثبت صرفها في اقتراع 8 شتنبر رغم ان الفصل 43 من قانون الأحزاب يفرض على هذه الأخيرة ارجاع تلك المبالغ تلقائيا عملا بأحكام المادة 32 من ذات القانون
2-  منح بعض الأحزاب مبالغ لفائدة مرشحين لم يترشحوا باسمها او لم يترشحوا اصلا او استعملوا تلك المبالغ في غير ما اعدت له طبقا للقانون
3-  تقديم مستندات ووثائق ناقصة لتبرير أوجه صرف الدعم العمومي
إن تخليق الحياة السياسية يفرض على الأحزاب أن تشكل قدوة في الخضوع للقانون وأن تكون هي أول من يسارع إلى استنكار أي شكل من أشكال الفساد وهدر المال العام لا أن يبحث بعضها فقط عن طرق للإستحواذ على المال العام والإختفاء بعد ذلك من المشهد في انتظار انتخابات اخرى تمكنها من الحصول على الغنيمة وفي سلوكها هذا لا تختلف عن اسلوب “الشناقة ” في الأسواق ،لذلك فإن السلطة القضائية مطالبة بوقف نزيف هدر المال العام وتحريك المتابعات القضائية ضد المتورطين في هذه الممارسات المنافية للقانون والقواعد الأخلاقية حتى تساهم بدورها في تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock