مؤتمر “إفريقيا القرن الـ 21” بلشبونة … تسليط الضوء على المبادرة الملكية من أجل الأطلسي
أبرز متدخلون خلال مؤتمر “إفريقيا القرن الواحد والعشرين”، الذي نظمه معهد تعزيز وتنمية أمريكا اللاتينية بلشبونة، الأربعاء 20 نونبر، أهمية المبادرة الملكية من أجل الأطلسي في تسريع الاندماج الاقتصادي الإقليمي والإشعاع على الصعيد القاري والدولي.
وشكل هذا اللقاء، الذي حضره سفير المملكة بلشبونة، السيد عثمان أباحنيني، وعدد من السفراء المعتمدين في البرتغال، والمنظمات الدولية ومؤسسات إفريقية وأوروبية، فضلا عن خبراء وأكاديميين، فرصة لتسليط الضوء على الرؤية الإفريقية الأطلسية للقارة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تسعى إلى جعل القارة فضاء للتشارك والازدهار المشترك وتسريع الاندماج الاقتصادي الإقليمي، والإشعاع على الصعيد القاري والدولي على حد سواء.
وفي هذا الصدد، أبرز المدير العام للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، محمد توفيق ملين، في كلمة له خلال جلسة حول موضوع “الاندماج الإفريقي”، أن المبادرة الملكية الأطلسية، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، رسمت خارطة طريق استراتيجية تهدف إلى الانخراط في هيكلة الفضاء الجيوسياسي الذي يشكل الساحل الإفريقي الأطلسي، مع تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
وتابع خلال هذا اللقاء، الذي ينظم بالتعاون مؤسسة “فريدريش نومان” والمعهد الجامعي “أتلانتيكا”، أن هذه المبادرة تأتي تتويجا للجهود الدؤوبة التي يبذلها المغرب في سبيل تعزيز الشراكة بين الدول المطلة على الأطلسي، والتي تم إطلاقها منذ عام 2009 في الرباط، في إطار مبادرة جنوب الأطلسي التي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى تطوير التعاون بين دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
كما تهدف المبادرة الملكية الأطلسية، يبرز السيد ملين، بشكل أساسي إلى جعل هذا الفضاء “مركزا للتلاقي الإنساني، وق طبا للتكامل الاقتصادي، ومنارة للإشعاع القاري والدولي”، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجهها الدول الإفريقية، وخاصة تلك الواقعة على الواجهة الأطلسية.
واعتبر أن المبادرة التي اقترحها المغرب تمثل خطوة مبتكرة في مجال التكتلات الإقليمية،حيث تطرح نموذجا شاملا للتعاون، مع التركيز على المحيط الأطلسي ومعالجة قضايا تشمل الاقتصاد والأمن والتنمية الاجتماعية والتبادل الثقافي والاستدامة البيئية، لافتا إلى أن المبادرة تشجع أيضا على الحوار السياسي وصنع القرار المشترك والتوافقي، وتحفز على تعبئة القطاع الخاص في منطقة المحيط الأطلسي الإفريقي.
وبحسب السيد ملين، فإن المبادرة الأطلسية تهدف إلى تسريع التكامل الإقليمي الذي يحتل مكانة مركزية في أولويات أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، وخلق إفريقيا موحدة ليس فقط سياسيا واقتصاديا، بل أيضا متوجهة بحزم نحو مستقبل مشترك يستند إلى القيم الإفريقية المشتركة والتضامن بين الدول الأعضاء.
في السياق ذاته، أكد سفير المغرب بلشبونة، على أهمية المبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي ودورها في تعزيز التكامل الإفريقي، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تعد امتدادا للجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة من أجل إفريقيا مزدهرة ومتضامنة.
وقال في هذا الصدد، إن المغرب على وعي تام بحتمية الاندماج الاقتصادي داخل القارة الإفريقية لا سيما في ظل الجمود الذي تشهده تكتلات إقليمية أخرى، لافتا في هذا السياق إلى أن المملكة بادرت إلى إطلاق العديد من المبادرات في هذا الصدد، لا سيما مشروع أنبوب الغاز نيجيريا -المغرب الأطلسي، الذي يمتد على طول ساحل غرب إفريقيا ويبلغ طوله أكثر من 5500 كيلومتر.
وأضاف الدبلوماسي المغربي أن هذا المشروع، الذي يهدف إلى نقل الموارد من الغاز من نيجيريا نحو المغرب مرورا بإحدى عشرة دولة بمنطقة غرب إفريقيا، قبل أن يتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي -الأوروبي وشبكة الطاقة الأوروبية، يشكل تجسيدا بليغا لدبلوماسية الفعل والقول التي تنتهجها المملكة.
ولم يفت السيد أبا حنيني التأكيد على أن المغرب يقف بشكل ملموس إلى جانب البلدان الإفريقية الشقيقة، بروح التضامن الفعال وتعاون جنوب-جنوب برغماتي، مذكرا أن المملكة تضع إفريقيا كأحد الركائز التي تحظى بالأولوية في سياستها الخارجية.
وأجمع المتدخلون خلال هذا اللقاء، الذي عرف أيضا مشاركة مراكز تفكير إفريقية وأوروبية، على ضرورة إعادة التفكير في دور إفريقيا كمحرك للنمو العالمي، والنظر إليها كقارة للحلول، مبرزين في هذا السياق، إمكانات القارة باعتبارها محركا أساسيا للنمو الاقتصادي العالمي، بفضل مواردها الطبيعية الهائلة وقوتها البشرية الشابة.
كما تمحورت المناقشات حول التحديات والفرص التي تواجه القارة الإفريقية، والتنمية المستدامة، والتكامل الاقتصادي، ودور إفريقيا في تعزيز الاستقرار والسلام الدوليين، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في القارة.
وشهدت الجلسات نقاشات معمقة حول كيفية الاستفادة من الموارد الإفريقية بطرق مستدامة وتعزيز الاستثمارات الأجنبية التي تحترم خصوصية الشعوب الإفريقية وتطلعاتها.
يذكر أن الهدف من تنظيم “إفريقيا القرن الواحد والعشرين”، وهو مؤتمر سنوي للدبلوماسية العامة، يتمثل بالأساس، في تحسيس الفاعلين الأوروبيين بالإنجازات السياسية والاقتصادية الكبرى للقارة الإفريقية.