رياض الفرطوسي يكتب : هل المشكلة في الذكاء أم الفهم؟
في كتابه فخ الذكاء، يناقش الكاتب الأمريكي ديفيد أ. روبنسون فكرة أن الأشخاص الأذكياء قد يكونون أكثر عرضة للأخطاء نتيجة الثقة الزائدة في قدراتهم التحليلية والمعرفية. هذه الثقة تجعلهم أحيانًا يتجاهلون الآراء الأخرى أو البيانات التي لا تتوافق مع وجهة نظرهم، ويقعون في فخ التفكير المتحيز.
مما يعني أن الذكاء وحده لا يكفي لتجنب الأخطاء، بل يحتاج إلى فهم عميق ومرونة عقلية وقدرة على التفكير النقدي. من خلال الفهم الأفضل، يمكن للأذكياء تحصين أنفسهم ضد ميلهم إلى الوقوع في الأخطاء، ويطورون بذلك حكمة تساعدهم في تطبيق ذكائهم بشكل فعال.
يقول المؤرخ والفيلسوف الفرنسي إميل دوركايم: “إن الذكاء أحيانًا يبرر أحط الجرائم وأكثرها بشاعة، ويتجاوز الحدود الأخلاقية والإنسانية”. معظم الذين خربوا البشرية ودمروا البلدان عبر التاريخ كانوا شخصيات ذكية وخبراء في الدهاء والمراوغة والمكر والشطارة، أو ما يُطلق عليه الذكاء النفعي.
لكننا نجد أن جميع الدول التي اعتمدت على الذكاء من دون ضمير قد انقرضت، مثل الفاشية النازية والستالينية والدكتاتورية الصدامية، في حين أن الأمم والحضارات التي تأسست على الفهم والضمير والإنسانية ما زالت حاضرة ومستمرة وشاخصة، مثل حضارة ما بين النهرين، والفراعنة، والإغريق.