البلبال محمد بوغنيم يكتب : وصم الشعراء و المرآة
لا وجود للمرآة في حياتنا انه وهم لا يعرف حقيقتنا ولايدركها ولا يعي من نحن ولا من قد سنكون.
اليمين يصبح شمالا واليسار يصبح جنوبا ولا جنوب ولا شمال الا في الاستيهام وفي لانهاية هذا الفضاء الذي يستدمجنا بداخله وفي دائرته خارج الزمن والمكان والتفكير.
انها حقا هستيريا عصابية أو قل نرجسية ليلا يعاتبني اب السيكولوجيا المنقذ الشيخ سيمون فرويد.
نتوهم الغلط في الخطأ ونستبد بهما أشد استبداد.
لذلك حرمت المرآة في بعض الديانات لأنها عري للعري كشف لحلم لا ينكشف وبساط تتسلل من خلاله ومضات كالبرق تغيب وتأتي تقاوم الى اخر رمق في سراديب العزلة وغرف الانتظار.
هل سبق لك أن رأيت أحمقا ينظر في المرآة؟ لماذا لا توجد في غرف العزل مرايا قد يكسرها الطبيب قبل المريض؟ لأنهما لا يؤمنان سوى بنظرية العقل الخالص ولأن وجودها كعدمه وقد يكسرها أو لا يكسرها المعزول لأنها غير موجودة بالنسبة له وأنه يعيش خارجها.
وإذا نظر إليها قد يحدث شيء غريب…
ما هو هذا الشيء. وماهي هاته الغرابة…؟
قد تجد شاعرا يسكن فيها تشده إليها لكنه يفارقها بعد الموت وقد يعود إليها مددا اتعرف لماذا؟
لأن الشعراء مجانين حقا مجانين لا يقفون عند حدود العقل ولا يجارونه حق مجاراته.
في المرآة يقولون قولة حق أريد بها باطل. المرآة تكذب على النساء والرجال لكن الشعراء هم من يكذبون على المرآة.
سأكون قاسيا إذا قلت أن جنونهم وصلافة لسانهم ونرجسيتهم وتجهدهم وصلواتهم المجروحة لا تصدقها المرآة.
المرآة (واقع في ذات الشاعر الطفولي) هي بدعة من البدع الرمزية المحرضة على الإدراك والانتباه. فتصبح النفس كائنا يمكن أن ينظر إليه الشاعر من داخل نفسه.
نعم صعب هذا الوصم الذي لم نتعود عليه بل نتعامل معه كحمقى لنحدد في المرآة وجودنا المزيف والغير قابل للتغيير.
حاول معي مرة أن تخرج من المرآة أو حاول أن تخرج نفسك منها ولأنك غير موجود فيها لا يمكنك الدخول قبل أن تخرج.
بداخلها notre dualisme ثنائيتنا تتجلى وتكشف حضوتها اللغوية السائلة كم مرة تحدث الشاعر في المرأة ولا صوت يخرج لأن الصوت في المرآة غير قابل للتحليل والتحلل لا صدى ولا ذبذبات المرآة تكذب علينا وتزيف حقيقة أمرنا لكنها وبكل صدق تيار جارف شبقية لا يكسرها الصمت والضوء وأقواس قزح.
هاته المرآة لم ينظر إليها من سبقونا من الشعراء عصر الحجر إلا في الماء ومن خلال الماء وعبر صفحات الماء. فكن ماء وادخل أيها الشاعر للمرآة أو اسبح فيها لينتهي وجودها وتنتهي بدورك أيها الشاعر انتهاء العارفين والأحياء بداخلها..