سمير بوزيد يكتب : متى سيتم إقرار قانون الإثراء غير المشروع و دخوله حيز التنفيذ؟
مما لا شك فيه، أن الاتفاقية الأممية دعت إلى تجريم الإثراء غير المشروع الذي عرفته بأنه ” زيادة موجودات الموظف العمومي زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخلها المشروع” بمقتضى المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، التي صادق عليها المغرب وأصبحت ملزمة له.
استنادا إلى ما سبق، فقد سعى المشرع المغربي في دستور 2011 إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة والوقاية من كل أشكال الانحراف المرتبط بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها والزجر عن هذه الانحرافات.
ولا مناص من القول، أن سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي في 8 نونبر 2021، الذي أحالته حكومة السابقة في 24 يونيو 2016 والذي يروم إدراجه كجريمة جديدة مع الرشوة واستغلال النفوذ في الجنايات والجنح التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام؛ أتار جدلا واسعا، من طرف المعارضة وفعاليات المجتمع المدني وهيئة دستورية.
وتماشيا مع ما تم ذكره فقد:
- طالبت منظمات المجتمع المدني عبر البلاغات ومراسلات ومذكرات والاستجوابات بتسريع إخراج مشروع القانون الجنائي وضمنه تجريم الإثراء غير المشروع وفق المعايير والممارسات الجيدة المتعارف عليها دوليا.
- وقدمت الأحزاب مشاريع قوانين حول الاثراء غير المشروع الى البرلمان تروم وضع حد لمظاهر الثراء الفاحش وغير المشروع، من خلال تطوير المنظومة القانونية وجعلها أداة لمحاربة مختلف أشكال الريع والاحتكار
- اعتبرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها على ان الوعاء القانوني الأنسب لجريمة الإثراء غير المشروع، هو إفرادها بقانون خاص يضبط مقتضياتها الموضوعية والإجرائية؛ بما ينسجم مع انفراد هذه الجريمة بخصائص تميزها عن باقي جرائم الفساد الأخرى.
وفي مقابل ذلك، أعدت وزارة العدل نسخة من مشروع القانون الجنائي وأحالته على الأمانة العامة للحكومة، في انتظار التوصل بآراء بعض القطاعات الأخرى، قبل إحالة المشروع على المجلس الحكومي من أجل المصادقة عليه.
وفي انتظار التوصل بآراء القطاعات وإحالة المشروع على المجلس الحكومي من أجل المصادقة، واستخلاصا لما سلف يبقى الهدف الأسمى لدعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة، ومكافحة الإثراء غير المشروع وحماية المال العام يتجلى في إخراج قانون تجريم الإثراء غير المشروع في أقرب الآجال إعمالا للمادة 4 من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، وتنزيلاً لمقتضيات الدستور؛ تبقى الأسئلة المطروحة هي:
- كيف سيتم التغلب على الاكراهات التي تعيق إخراج هذا القانون؟
- وكيف سيتم التعامل مع النقاط الخلافية؟
- ومتى تحيل الحكومة هذا القانون على مجلس النواب للتصويت عليه، حتى يعرض على مجلس المستشارين للمصادقة عليه، وينشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ؟
أسئلة لا تزال ولسوف تبقى تنتظر الجواب المقنع والمفيد في أقرب الآجال، ولعل من المفيد التذكير وتأكيد مطالب المجتمع المدني والأخذ بعين الاعتبار ما تقدمه الاحزاب السياسية من مشاريع قوانين وكذا تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
والتشديد على التوصيات والاقتراحات التالية على سبيل المثال لا الحصر:
- ضبط وتعريف وتصنيف جريمة الإثراء غير المشروع
- ضبط شروط وإجراءات آليات مكافحة الإثراء غير المشروع؛
- ربط الإثراء الغير مشروع بالمنظومة التشريعية والمسطرية لقوانين التصريح بالممتلكات؛
- توسيع اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات لوضع حد لمظاهر الثراء الفاحش وغير المشروع؛
- تطوير المنظومة القانونية وجعلها أداة لمحاربة مختلف أشكال الريع والاحتكار؛
- إرساء الآليات الملائمة للرصد والتحري عن جريمة الإثراء غير المشروع؛
- تمييز جريمة الإثراء غير المشروع عن جرائم الفساد الأخرى باختلاف وسيلة الإثبات بينهما
- تصنيف جريمة الإثراء غير المشروع.
- تبسيط إجراءات تجريم الإثراء غير المشروع.
وخلاصة القول، إن دخول حيز التنفيذ لتجريم الإثراء الغير المشروع، سيكون نتيجة لإرادة السياسية متوفرة تضع حدا لمسلسل التأخير، والتأجيل دام أكثر من اللازم، لتجريم الإثراء غير المشروع الذي يتحقق من خلال مزاولة مهمة أو مسؤولية عمومية.